بعد التداعيات الجسمية لما حدث بجمعة تصحيح المسار يوم 9 سبتمبر .. إنطلقت دعوات مخلصة لضرورة إعادة تقييم جدوى الخروج إلى الشارع بحثاً عن وسائل أخرى لا لتحل محله وإنما لإعطاء خيارات لدى القوى السياسية والثورية في توصيل مطالبهم.
وتجاوباً مع تلك الدعوة أخذت أفكر في الوسائل التي يمكن أن تسبق أولية الخروج إلى الشارع بحيث يكون ذلك الخروج حلاً أخيراً بعد فشل كافة الوسائل الأخرى ومن ثم نحتفظ لذلك الخروج بهيبته لدى القائمين على إدارة الفترة الإنتقالية أو حتى بعدها .. بعد أن أصبحت المليونيات لكثرتها وعدم تحديد طلباتها أوكثرة طلباتها فاقدة التأثير ولا يهتم بها إلا بائعي المشروبات والمأكولات الذين يدعون الله بأن يرزقهم في كل جمعة مليونية ، ولكن الخطير أن تلك المليونيات أصبحت الآن كذلك ملهمة لأطراف عديدة للإستغلال أو لتدبير المؤمرات وتحقيق أهداف خاصة أو أهداف أخرى لا تبعد بالثورة عن أهدافها وحسب بل تدمر تلك الأهداف تماماً.
في خضم تفكيري تذكرت فجأة ما يسمي (مجلس أمناء الثورة) ذلك المجلس الذي أعلن عن تشكله يوم 16 فبراير عقب أيام معدودة من تنحي الرئيس المخلوع ، وسارعت بالبحث عن ذلك المجلس فوجدته مازال قائماً - فقط - من خلال موقع على فيسبوك يشير إلى أن أمانة المجلس مشكلة من السادة الأفاضل:
1- د/عبدالله الأشعل - أستاذ جامعي
2- المستشار / زكريا عبدالعزيز - مستشار بالنقض
3- د/محمد البلتاجي - استاذ جامعي وبرلماني سابق
4- د/حسن نافعة - أستاذ جامعي
5- د/سيف عبد الفتاح - أستاذ جامعي
6- د/ خالد عبد القادر عودة - أستاذ جامعي
7- د/ صفوت حجازي - داعية اسلامي
8- د/منى مكرم عبيد - أستاذة جامعية
9- العميد / صفوت الزيات - خبير إستراتيجي
10- أ/ علاء الاسواني - كاتب و أديب
11- أ/ محمود سعد – إعلامي
12- أ/ بثينة كامل – إعلامية
13- أ/صبحي صالح - محامي بالنقض برلماني سابق
14- أ/ بلال فضل - كاتب صحفي
15- كابتن / نادر السيد - لاعب كرة
16- د/ عصام عبد الله اسكندر - أستاذ جامعي
17- د/ حازم فاروق - طبيب وبرلماني سابق
18- أحمد نجيب – من شباب ثورة 25يناير
19- حمزة أبوعيشة – من شباب ثورة 25يناير
سكرتارية الأمانة: محمد عبد ربه – من شباب ثورة 25يناير
إعلام الأمانة: محمد طمان – من شباب ثورة 25 يناير
وكانت البداية لمجلس أمناء الثورة خلافات حادة بمؤتمره الأول الذي عقد بساقية الصاوي بالقاهرة بسبب رفض بعض الحضور أن يكون أعضاء اللجنة ممثلين عن الثورة أو شبابها أو التحدث بإسمها ، ووقعت مشادات كلامية حاول الدكتور صفوت حجازي احتواءها بالتأكيد على أن اللجنة لا تتحدث باسم أحد وإنما هي للتنسيق ليس أكثر وكل من شارك في الثورة هو عضو بالأمانة ، ومعني ذلك أن المجلس تحول إلى كيان هلامي لا يمكن تحديده لأن من شارك بالثورة عشرين مليون مصري!.
وقد بحثت عن أعمال مجلس إمناء الثورة فلم أجد سوى حدثين إثنين لا ثالث لهما ، الأول بتاريخ 3 يونيو حيث أعلن المجلس عن رفضه لتوجه الدكتور سمير رضوان وزير المالية آنذاك للإقتراض من جهات أجنبية ومطالبته حكومة الدكتور عصام شرف بوقف هذا التوجه ، وقد إجتهدت في البحث عن البديل الذي قدمه المجلس لتمويل الموازنة العامة للدولة خلاف الإقتراض من الجهات الأجنبية .. فلم أجد ، أما متابعة الموضوع دلتني على أن المجلس العسكري قرر الأخذ برأي المجلس ورفض الإقتراض من الجهات الأجنبية وإستبدالها بقروض داخلية.
أما الحدث الثاني فهو من عدة أيام وتحديداً بتاريخ 8 سبتمبر حين قام وفد المجلس برئاسة الدكتور صفوت حجازي بزيارة ليبيا تلبية لدعوة وجهت له من المجلس الإنتقالي هناك ، أما ما قام به وفد مجلس أمناء الثورة المصرية إثناء زيارته فقد أقتصر على التهنئة بتحرير طرابلس ونجاح الثورة الليبية.
وقد إنتهيت من البحث إلى أن تلك الفكرة العظيمة وهي تكوين مجلس لأمناء الثورة المصرية ليتولى الحديث بإسمها وعنها ، قد ضاعت تماماً لعدة أسباب هي:
أولاً :
التسرع في تشكيل المجلس من شخصيات لا تعبر تعبيراً حقيقياً عن مستقبل الثورة المصرية وإنما تعبر عن لحظتها الآنية وقت تشكيله والعديد منهم أصبح الآن إما مشغولاً بهمه الخاص سواء في إنتخابات الرئاسة أو عرض فكره الشخصي ورؤيته المنفرده أو بعيد عن الصورة تماماً.
ثانياً :
الخلافات التي شابت المؤتمر الأول للمجلس والتي حالت دون وضع آليات محددة لعمل المجلس وحولته إلى كيان غير محدد وغير مؤثر.
ثالثاً :
غياب الكيانات السياسية عن عضوية المجلس وقصرها على العضوية الشخصية الأمر الذي حال دون أن يعرض على المجلس قضايا تهم قطاعات من المجتمع وليس أشخاصاً منه.
رابعاً :
جمود المجلس سواء في التشكيل أو في النشاط.
مجلس إمناء الثورة المصرية .. يمكن أن يصبح بديلاً مجدياً ومؤثراً للخروج إلى الشارع بشرط إعادة تشكيله ووضع آليات عمله وتفعيل نشاطه.
وإعادة تشكيل مجلس أمناء الثورة المصرية ضروري للغاية ليواكب المتغيرات التى شدها المجتمع المصري على كافة المستويات والمستوى السياسي بوجه خاص خلال الفترة من فبراير حين أعلن عن تأسيس المجلس إلى الآن ، ومن أهم تلك المتغيرات تأسس عدد من الأحزاب وظهور تحالفات تضم العديد من تلك الأحزاب منها التحالف الديمقراطي والكتلة المصرية بالإضافة إلى مبادرة الطريق الثالث التي يتبناها حزب العدل ، كما يعد من تلك المتغيرات أيضاً ما شهدته الحركات الثورية من (غربلة) أسفرت عن ظهور عدد محدود من إئتلافات الشباب على غيرها من الإئتلافات العديدة والعديدة جداً التي تأسست في شهر فبراير منها ما يضم أعضاء لا يتعدون عدد أصابع اليدين تساقطت أغلبها الآن.
وفي ذات إطار إعادة التشكيل لابد من أن تقتصر عضوية مجلس أمناء الثورة المصرية على الكيانات السياسية والثورية وإستبعاد العضوية الشخصية تماماً ، وعلى سبيل المثال يمكن أن يتشكل المجلس من التحالفات السياسية الرئيسية المتواجدة على الساحة الآن وهي التحالف الديمقراطي والكتلة المصرية وتحالف الطريق الثالث ويضم إليه إئتلاف شباب الثورة وحركة 6 إبريل والحركة الوطنية للتغيير ، وبذلك يصبح لدينا كياناً قوياً يضم أغلب الأطياف السياسية والثورية المؤثرة بالمجتمع المصري الآن والتي – تقريباً – لا تخرج الدعوة لأي مليونية إلا منها ، وحتى إذا خرجت الدعوة للمليونية من غيرها فإنها لا تنجح إلا بموافقة تلك الكيانات على المشاركة فيها.
وعلى مجلس أمناء الثورة المصرية بعد أعادة تشكيله وضع آلية محدده لعمله وتكون مهمته الأساسية الإتصال المباشر مع المجلس العسكري ومجلس الوزارء لعرض القوانين والمطالبات التي يراها مجلس أمناء الثورة لازمة لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير وإستكمال مسيرتها ، ومن الممكن أن يستمر عمل مجلس أمناء الثورة حتى بعد إنتخاب مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والرئاسية من خلال دور رقابي على تلك المؤسسات لضمان عدم تحولها عن أهداف ثورة 25 يناير إلى أن تستقر أمور البلاد وتترسخ تلك الأهداف داخل المجتمع.
وإستباقاً لما يمكن أن يقال بشأن صعوبة إتفاق مجلس أمناء الثورة بتشكيله المقترح على رأي محدد وأنه سوف يكون معرض للإنقسامات التي تهدد إستمراره ، أقول أن آليات العمل التي سوف يتم وضعها كفيلة بالتغلب على تلك المشاكل مثل إشتراط نصاب معين لصدور قرارات المجلس وتحديد مواقفه ومن الممكن أن يكون ذلك النصاب موافقة الثلثين أو ثلاثة أرباع الأعضاء لضمان قدر من التوافق ، بل يمكن أيضاً في حالة عدم إمكانية الحصول على ذلك النصاب أن يصدر المجلس إختيارين مختلفين أو حتى متعارضين لترجح السلطات التي تتولى إدارة البلاد أحدهما دون غيرهما.
وبذلك يصبح الخروج إلى الشارع غير مطروحاً إلا في حالة رفض السلطات قرارات مجلس أمناء الثورة أو رفضها ترجيح أحد الخيارات التي يعرضها المجلس ، وسوف تكون المليونية حينئذ منظمة ومؤثرة ، منظمة لأنها برعاية كافة القوى السياسية والثورية تقريباً والتي يتشكل منها مجلس أمناء الثورة ، ومؤثرة لأن لها مطلب وحيد هو الإستجابة لقرارات المجلس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق