الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

جمعة تصحيح المسار تحتاج إلى تصحيح مسار


تظاهرة تصحيح المسار المقرر لها يوم الجمعة القادم الموافق 9 سبتمبر .. وافقت على المشاركة فيها معظم القوى الثورية والقوى السياسية الليبرالية المنضمة إلى الكتلة المصرية ، فيما رفضتها جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين والقوى السياسية المنضمة إلى التحالف الديمقراطي كحزب الوفد ، بينما حزب العدل الذي يقود ما يسمى (الطريق الثالث) لم يحسم أمره بعد فلم يعلن قبولاً أو رفضاً.
فما هي حظوظ النجاح لتلك التظاهرة ؟ في ضوء عدة معطيات أهمها:-
1-    إنخفاض التأييد الشعبي للقوى الثورية إلى أدنى مستوى له منذ تنحي مبارك ، وذلك الإنخفاض يرجع إلى عدة أسباب على رأسها بعض التصرفات غير المسئولة التى أتت من بعض القوى الثورية كان آخرها الاعتصام بميدان التحرير بالقاهرة وميدان سعد زغلول بالإسكندرية وميدان الأربعين بالسويس ، ذلك الإعتصام الذي حقق نتائج رائعة خلال اليومين الأول والثاني منه ولو فض بعدهما لكان عملاً عبقرياً .. ولكن إصرار قادته على الاستمرار فيه لقرابة ثلاثة أسابيع عَكَسَ النتائج تماماً ، وزاد الأمر سوءً تسببه في تعطيل عدة مرافق عامة تتمثل في منع السير في شوارع وطرق ميدان التحرير بالقاهرة طوال مدة الإعتصام ، ومنع العمل بمبنى مجمع التحرير لمدة ثلاثة أيام ، وقطع طريق الكورنيش بالإسكندرية لفترات محدودة عدة مرات ، والتهديد بتعطيل عدة مرافق أخرى أهمها الممر الملاحي لقناة السويس وبورصة الأوراق المالية بالقاهرة والإسكندرية ومترو الأنفاق بالقاهرة.
2-    استنفار المؤسسة العسكرية وتحفزها بعد حالة العداء المتبادل مع عدة قوى ثورية على رأسها حركة 6 إبريل والتي تجلت في عدة حوادث أهمها الرشق بالحجارة للمنطقة الشمالية العسكرية بالإسكندرية والحادث المؤسف الذي وقع بميدان العباسية بعد إصرار تلك القوى الثورية على الزحف إلى المنطقة المركزية العسكرية للتظاهر أمامها.
3-    حالة التوتر السائدة بعد الرعونة الشديدة وسوء التصرف التي ميزت أعضاء الحركات الأصولية وعلى الأخص الحركة السلفية والجماعة الإسلامية ، والتي تجلت بالتظاهرة التي قاموا بتنظيمها يوم 29 يوليو الماضي بميدان التحرير بالقاهرة.
4-    عدم الإستقرار على أهداف تظاهرة 9 سبتمبر فيما بين القوى الثورية والقوى السياسية ، حيث ترى القوى الثورية ضرورة تبني مطالبات في حدها الأقصى بما فيها مطالبة المجلس العسكري الذي يدير البلاد حالياً بتسليم السلطة إلى مجلس رئاسي مدني ، وهو المطلب الذي ترفضه القوى السياسية بإعتبار أن المجلس الرئاسي المدني يعد بديلاً غير مناسب في الفترة الراهنة خاصة مع وجود تباين شديد في الآراء حول أعضاء ذلك المجلس والصعوبات التي تواجه تحديد الشخصيات التي يمكن أن يتشكل منها.
5-    ظهور تنظيم ما يسمى (أبناء مبارك) مستغلاً إنخفاض التأييد الشعبي للقوى الثورية من ناحية والتخازل الأمني (الفراغ الأمني سابقاً) من ناحية أخرى ، والذي تؤكد كافة المشاهدات على وجود تنسيق قوى بين ذلك التنظيم وبين قيادات المؤسسة الأمنية ودعم مالي غير محدود من أعضاء الحزب الوطني المنحل.

وبعد .. فإنه أيضاً لابد من الأخذ في الإعتبار ضرورة العمل على تهيئة الشارع المصري للإنتخابات البرلمانية المقبلة المقرر فتح باب الترشح إليها نهاية هذا الشهر لإجراءها خلال شهر أكتوبر القادم .. هذا الشارع الذي يبدو بالقطع غير مهيئ لإجراء الإنتخابات وما يسبقها من حملات دعائية لعدة أسباب أهمها الحالة الأمنية ، وفي ضوء كل ذلك أعتقد أن تظاهرة 9 سبتمبر – رغم أهدافها النبيلة – سوف تأتي في جانب تكريس حالة عدم التهيئة التي يعاني منها الشارع المصري بالفعل.

وتظاهرة 9 سبتمبر – مثلها مثل التظاهرات الأخرى – ينظر إليها من حيث النجاح والفشل في ضوء قدرتها على الحشد الجماهيري وبعد ذلك قدرتها على إرغام المؤسسة الحاكمة على الإستجابة لمطالبها ، فإذا نجحت التظاهرة في الحشد الجماهيري فإن ذلك بالتأكيد سوف يستفذ الحركات الأصولية لتنظيم تظاهرة مضادة على غرار ما حدث يوم 29 يوليو الماضي للتأكيد على قدرتها في الحشد الجماهيري ، وبذلك سوف ندخل حلقة مفرغة من التظاهرات والتظاهرات المضادة بما يهدد ليس عدم استكمال مطالب ثورة 25 يناير وحسب .. بل قد يهدد بإنتكاس ما تحقق منها كذلك.
أما إذا فشلت تظاهرة 9 سبتمبر في الحشد الجماهيري .. فسوف يمثل ذلك الفرصة الذهبية للحركات الأصولية – التي أستطاعت النجاح في ذلك يوم 29 يوليو – لكي تبني على ذلك الفشل حملتها الدعائية في الإنتخابات البرلمانية القادمة بعد أن يزيد الإحساس الوهمي الذي إستطاعوا صناعته بأنهم الأقوى والأكثر عدداً والأكثر تنظيماً .. بما ينشر حالة من اليأس لدى كل الطبقات الشعبية التي تؤيد الأحزاب الليبرالية.

فهل تحتاج القوى التي دعت إلى جمعة تصحيح المسار .. إلى تصحيح مسار؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق