أهم المشاكل التي نواجهها الآن ونحتاج إلى حلول جذرية وسريعة لها .. هي مشكلة المواطن المصري ، فقد كشفت الثورة عن سوئة هذا المواطن فظهر – في أغلب الأحوال – غير ملتزمٍ ومنفلتٍ غير مبالٍ بالمصلحة العامة أو مصلحة الوطن ، وظهر ذاتياً لا يفكر إلا في مشاكلة الخاصة ويعمل على حلها حتى ولو كان ذلك الحل فيه مخالفة للقانون أو على حساب الآخرين ، وظهر عنيفاً يأتي استخدام العنف على رأس قائمة البدائل المطروحة في ذهنة للتعامل مع أي حادث يتعرض له عن حق أو عن غير حق .. بل وأحياناً يكون البديل الوحيد.
عدم الإلتزام – الذاتية – العنف ، سمات سلبية كانت موجودة لدى المواطن المصري وكان يمارسها ولكن الثورة هي التي هيئت له المجال لممارستها بالصورة التي نراها الآن ، ولا يشفع لذلك ما يقال عن أن ما يحدث أمر طبيعي فالشعب عاش فترات طويلة تحت ضغط الكبت والقهر ومن المنطقي أن ينفجر الآن ! ، لأن ذلك الانفجار إن لم نوقفه أو على الأقل نتحكم فيه فسوف يؤدى إلى دمار شامل.
تلك السمات السلبية لابد أن نتوقف عن ممارستها .. ليس هذا وحسب .. ولكن لابد أن تختفي تلك السمات من التكوين الذهني والنفسي للمواطن المصري تماماً ، وينبغي علينا جميعاً أن نعمل من أجل ذلك وعلى الأخص القيادات الدينية التي كانت تشكوا كثيراً في السابق من التضييق الأمني على تحركاتها الأمر الذي جعل نشاطها محدوداً بحدود الدائرة الملتفة حولها فقط ، على هذه القيادات – وقد أصبح لها مطلق الحرية في التحرك وممارسة نشاطها خارج حدودها السابقة – أن تجتهد من أن أجل إعادة بناء المواطن المصري وفق أسس صحيحة دينياً وأخلاقياً وإجتماعياً ووطنياً ، وأن تبذل في ذلك غاية جهدها بدلاً من ممارسة السياسة التي تسعى إليها الآن بصورة فوق الحماسية.
إن ممارسة تلك القيادات الدينية للسياسة لن يحقق لمصر النموذج الذي يحلمون به ما لم نحل مشكلة المواطن ذاته ، ولكن إتجاههم لإعادة بناء المواطن المصري على نحو ما ذكر سوف يعد مواطنين يستطيعون ممارسة السياسة بصورة تحقق لهم – بالتأكيد – ذلك النموذج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق