جاء هذا
الباب في ست عشر مادة بالإضافة إلى مادتين إنتقاليتين .. وقد أوردت النصوص عدد من
الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة وحددت لكل منها إختصاصاته ما بين رقابية فقط
أو فنية فقط أو إختصاصات مزدوجة رقابية وفنية في ذات الوقت ، وذلك على النحو
التالي :-
أولاً : أجهزة ذات إختصاص رقابي فقط ،
وتنحصر في الجهاز المركزي للمحاسبات ، وهو جهاز موجود بالفعل منذ سنة 1942 ولم
تضيف النصوص المقترحة أي إضافة خلاف المعمول به حالياً.
ثانياً : أجهزة ذات
إختصاص فني فقط ، وهي أربع أجهزة:
1- المجلس الإقتصادي والإجتماعي.
2- المفوضية الوطنية للإنتخابات.
3- الهيئة العليا لحفظ التراث.
4- الهيئة القومية للصحافة والإعلام.
ثالثاً : أجهزة ذات
إختصاص مزدوج رقابي وفني ، وهي خمس أجهزة :
1- البنك المركزي.
2- المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد.
3- المجلس الوطني للإعلام المسموع والمرئي.
4- المجلس الوطني للصحافة.
5- الهيئة العليا لشئون الوقف.
وأعتقد أن هناك
العديد من الملاحظات يمكن أن نذكرها عن هذا الباب من مشروع الدستور الجديد ، منها:
1- أجاز المشروع في المادة (1) إنشاء أجهزة رقابية وهيئات مستقلة أخرى غير
المنصوص عليها بالدستور وهو ما يمكن أن يؤدي إلى إزدواج المعايير بين أجهزة رقابية
تم النص عليها بالدستور ومن ثم لا يجوز إلغاءها إلا بتعديل الدستور ذاته وفقاً
للإجراءات المعقدة التي تتم في هذا الخصوص ، وبين أجهزة رقابية أنشأت بموجب قانون
ويجوز إلغاءها بموجب قانون أيضاً.
فضلاً عن أنه .. لا يخفى على أحد أن الأجهزة
الرقابية يمكن أن يكون لها دور في تقييد الممارسة في المجال الذي تنشأ من أجله ،
وهذا الدور على درجة عاليه من الخطورة ، وبالتالي لا يجوز السماح بإنشاء أجهزة
رقابية بموجب القانون حتى لا يتم إساءة إستخدام ذلك الحق من قبل الأحزاب التى تكون
لها الأغلبية البرلمانية لتحقيق مصالح حزبية أو فئوية بعيدة عن المصلحة الوطنية.
2- جعل المشروع في المادة (3) تعيين رؤساء الأجهزة والهيئات بموجب قرار من
رئيس الجمهورية بموافقة أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ (الشورى) ، وهي قاعدة غير صحيحة
حيث تكرس الهيمنة والسيطرة على تعيين رؤساء تلك الأجهزة ولابد أن توسيع دائرة
الترشيح والأختيار وتعددها لكي تشمل على الأقل المؤسسات المعنية.
3- أخذ المشروع بفكرة (عدم القابلية للعزل) فيما يخص رؤساء الأجهزة والهيئات ،
وهذه الفكرة قد ثبت عدم صحتها وقد عانينا منها بعد الثورة مع بعض المناصب التي كان
أداؤها ليس على المستوى المطلوب دون إمكانية التعامل مع القائمين عليها بسبب عدم
قابليتهم للعزل ، لذلك فإن إستمرار العمل بتلك القاعدة يعد أمراً مرفوضاً ، ولابد
أن تحل محلها قاعدة (من يملك التعيين يملك العزل) مع وضع ضوابط محددة للعزل حتى لا
يتم إساءة إستخدامه.
4- أنشأ المشروع المفوضية الوطنية للإنتخابات لتحل محل اللجنة العليا
للإنتخابات المنصوص عليها بقانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956
وتعديلاته وكذا لجنة الإنتخابات الرئاسية المنصوص عليها بالقانونه رقم 174 لسنة
2005 وتعديلاته والمادة 28 من الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/3/2011.
وتعد المفوضية التي إقترحها المشروع فكرة
مستحدثة لم يسبق العمل بها من قبل ، ولذلك كان لابد – مع أهميتها القصوى – من أن
يضع المشروع كافة الضوابط الخاصة بعمل تلك المفوضية وإن إضطر إلى أن يفرد لها
فصلاً خاصاً بها .. حتى يسن القانون المنظم لعملها وفقاً لتلك الضوابط ، غير أن
المشروع جاء على خلاف ذلك بما يعطي الفرصة للمشرع من وضع القواعد القانونية الخاصة
بتنظيم عمل المفوضية دون ضوابط محددة وبمعزل عن الهدف منها والغاية من إنشاءها.
وقد أقتصر المشروع على بيان
أعضاء مجلس إدارة المفوضية الذي شكله من تسعة أعضاء كلهم من القضاة عن طريق الندب أي
التفرغ التام ، وجميعهم من غير أعضاء مجالس الهيئات القضائية التي ذكرها المشروع
وهي محكمة النقض ، ومحاكم الإستئناف ، ومجلس الدولة ، ويلاحظ أن المشروع إستبعد
تماماً المحكمة الدستورية من تشكيل مجلس إدارة المفوضية ، ويلاحظ كذلك أن المفوضية
لن تضم عناصر قضائية سوى مجلس إدارتها فقط ، وحدد المشروع مدة إنتقالية قدرها عشر
سنوات لذلك.
5- أنشأ المشروع الهيئة العليا لشئون الوقف للقيام بتنظيم المؤسسات الوقفية
العامة والخاصة ، وذلك .. على الرغم من أنه تم إلغاء الأوقاف الخاصة منذ أكثر من
نصف قرن بسبب المشاكل التي كانت تثيرها ، فضلاً عن أن النص لم يوضح العلاقة بين
تلك الهيئة وبين وزارة الأوقاف التي تتماس معها في ذات الإختصاصات.